مؤسّسة الجمعية

بديعة سلامة
رائدة نسويه بين الماضى والحاضر

مؤسِّسة الجمعية

بديعة سلامة

تأتي الأفكار المبدعة والخلاقة عادة من أناس غير عاديين- يزرعون بذرة ويتعهدون بخدمتها ورعايتها، حتى تمتد جذورها لباطن الأرض وتزهر وتثمر وتصير جزءاً من أعمدة البلد تظلل سماءه وتنثر عطرها في فضائه ويقتات من ثمارها الجائعون والمحتاجون، يرعاها اللاحقون فتتعمق جذورها أكثر ويصير لونها براقاً كراية الوطن، ويطول عمرها وتزهو بمزيد من الاخضرار والثمار.

وما بين الماضى والحاضر يستمر العطاء… يقولون من ليس له ماضى ليس له حاضر، نعم انها بديعة سلامة رائدة نسوية صاحبة اليد البيضاء زرعت بذرة عندما كان عمرها تسعة عشر عاماً عندما أرسلت عام (١٩١٦) طلباً لبلدية رام الله تطلب فيه تأسيس جمعية خيرية في المدينة مع دعم مالي مقداره مائة دينار اردنياً يعينها ويساعدها على الانطلاق والبدء في العمل، واتخذت من أحد البيوت القديمة في شارع السهل مقراً لها، وبدأت العمل لتحقيق الأهداف الأولى التى وضعتها للجمعية ومنها: محو الأمية وبرامج تغذية المحتاجين وتقديم المساعدة النقدية لهم .

وتدور عجلة الزمن لتعود بديعة سلامه خوري من كولومبيا إلى رام الله عام (١٩٢٣) والتى كانت قد تزوجت عام (١٩٠٧) من نيقولا سلامه الدباعى، لتجد بعد عودتها تداعيات الحرب العالمية الأولى تلقي بظلالها على أهالي رام الله وأطفالها خاصة، حيث انتشر الجوع وأمراض سوء التغذية وغياب الرعاية الطبية، فشرعت على الفور بتنظيم أيام طبية في بيتها لمعالجة وتطعيم الأطفال مستعينة بأطباء عرب وأجانب كانت تستقدمهم معها من القدس ومستفيدة من حضورها الاجتماعي واتقانها لأربع لغات هي: الإنجليزية واليونانية والإسبانية إضافة إلى لغتها العربية كما عملت في الوقت ذاته على توفير القوت والملبس للمحتاجين عبر دعم خيري من عدد من دول العالم والذي كان يأتي على شكل (البقج) حسب ما كان يعرف آنذاك، وكانت أيضاً رائدة في أعمال المساعدات الانسانية حيث عملت على مساعدة أهل الشام في مجاعتهم.

واستناداً لهذه التجربة القصيرة واستشراقا لرؤية بعيدة المدى. أسست بديعة سلامة جمعية النهضة النسائية في الأول من كانون الثاني عام (١٩٢٥) وخطت الجمعية خطواتها الأولى وليداً معافى تخصه بالرعاية أياد بيضاء لنساء كرس جهدهن للعمل الإنساني والخيري بعدما جمعت بديعة سلامة حولها مجلساً من عشرين سيدة لإدارة مجلس الجمعية والذي ترأسته ووضعت له قانوناً (نظاماً داخلياً) يحكم عمل الجمعية وموظفيها ويحدد سبل إدارتها وإدارة المال الذي تجمعه بشفافية عالية، حيث دأبت منذ البداية على طباعة ونشر تقارير إدارية ومالية دورية شفافة.

وبمرور السنين الإحدى والخمسين التي أدارت فيها بديعة سلامة الجمعية من عام (١٩٢٥- ١٩٧٦) كانت هي الرائدة والمؤسسة في تطور أهداف الجمعية وتوسيع ميدان عملها لتشمل إقامة عيادة طبية مجانية عام (١٩٤٠)، إضافة إلى تقديم منح طلابية وتدرس المعاقين الذى بدأت به عام (١٩٧٢) بستة طلاب من ذوي الإعاقة.  كما يسجل لها مبادرتها في تأسيس اتحاد جمعيات رام الله عام (١٩٧٢). كما تمكنت عام (١٩٧٦) من وضع حجر أساس مركز الإعاقة على قطعة أرض بمساحة خمسة عشر دونماً في حي الطيرة، ليقام عليه مقر لتأهيل المعاقين، وهو المقر الحالي للجمعية في حي الطيرة. 

هذه سيرة السيدة بديعة سلامة التي تميزت بمبادرات اجتماعية إنسانية مقترنة بالعطاء المستمر مدركة حاجة الوطن إلى جمعية تعمل على خدمة المجتمع الفلسطيني.

رحم الله المؤسّسة بديعة سلامة

صورة لبديعة سلامة، مؤسسة جمعية النهضة النسائية في رام الله، عام 1975 بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس الجمعية 

 أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي

Scroll to Top